متى كان لعرب ضمير و قد مات ؟؟

متى كان لعرب ضمير و قد مات ؟؟
مواقع التواصل الاجتماعي كانت بالنسبة لي كطائرتي الخاصة التي أركبها كل ما أردت السفر لمكان ما في العالم … أجهز حقائبي و أبدا برحلة البحث و المعرفة
و بما أنّني ناشطة في المجتمع المدني فأهتم بعديد القضايا الانسانيّة في العالم و صدقا خاصة العالم العربي كقضية الايزديات في العراق قضية سجناء الرأي في سوريا و قضايا “الجدعان و الجدعات” في مصر … عراق و كل وطن ليس ببعيد
و كل ما يهمني هو الانسان ثم الانسان … تعرفت على صديقة سورية كانت و مازالت لاجئة في سوريا فكل فترة تغير هي و ما تبقى من عائلتها لمكان ما و كما قالت لي ” نحن نبحث على بيت و قليل من الحياة في وطن الموت” …
قلت لها مرة انّ لي حلم أن أزور سوريا و ان أسجل فيلم وثائقي عن نساء في المعتقل فأخبرتني متعجبة هل سمعتي عن وطن يتركه أهله… و لا يتحدثون عنّه الا بالوجع و القهر و ربما بالكره و السخط و يحبه من لم يعرفه يوما .. أنت لا تعرفين شوراع دمشق و لا رائحة دمشق العتيقة و مقاهي الشام و رائحة الياسمين تفوح منّها … أنت أحببتي وجع الشام و دمار حلب …
أنت يا سيدتي لم تختبئي يوما خلف نافذة غرفتك و أنت سعيدة بنزول الثلج و رائحة القهوة تعطر البيت و صوت فيروز يعلو من كل ركن في العمارة ..
كنت أسافر مع كل كلمة و كل مكان كان تذكره كانت طائرة تقلع… فتعطرت أنفاسي برائحة ياسمين الشام وسمعت فيروز تغني سائليني يا شام… زرت حلب و اثار تدمر
بقيت انا و ياسمينة الشام على تواصل لمدة كانت تحدثني من وقت لاخر أخبرتني أنها تركت دراستها الجامعية لان المدينة التي كانت تسكنها أصبحت كوم من تراب دمرت تقريبا بشكل كامل و أنها كل فترة تنتقل هي و أسرتها من مكان لاخر حتى انها قالت لي أنا لاجئة في وطني فلا سوريا كما هيا و لا أنا .
حدثتني عن كل شيء عن الدمار عن الجوع و البرد عن وطن الحرب ..
غابت صديقتي لفترة ما تقارب الشهرين أو أكثر كنت أرسل لها رسائل حتى أطمن عليها لا ترد
كنت أبحث يوميا في صندوق رسائلي عن رسالة جديدة منّها مرت ايام و ساعات و شهور ربما .. لكن لا شيء جديد كل ما كنت أتمناه أن تكون بخير .
بينما كنت أشاهد صور لاجئين سوريّين في شوراع تركيا و أزقة بيروت و في معتقلات مصر , و في كل مكان ..
رنّ هاتفي لقد وصلتك رسالة جديدة و كانت رسالة الأمل و الفرح كان نّص الرسالة ” حبيبتي مروة أنا بخير أنا انتقلت منذ فترة لبيت جديد و لم يكن هناك نات حتى أفتح كما أن الكهرباء تأتي يوما نعم و ساعات كثر لا أنا أحبك بقدر بعد دمشق لتونس سلام”
نادرا ما أرد على رسائلي بطريقة سريعة حتى أنّني لا أجيد الكتابة على لوحة مفاتيح حروف هاتفي الذكيء كتبت رسالة بسرعة غريبة
حبيبتي أنت بخير ؟؟ و كان هذا نص الحوار …

ٱهلين مروشتي انا منيحة … ما كنت عم افتح النات لٱنّو بيتنا انقصف و استشهد جزء من عائلتي تركنا و رجعنا سكنا بيت جديد … متل العادة لاجئة ..
المهم انك تمام …
قصدك عايشة …
و حياتك احنا موتى على قيد الحياة كل عم يستنى دورو …
طيب و كيف بيتكم الجديد .. و المنطقة امان …
كل صاير بيخوف ؛ هاي مو حياة كهرباء بتجي و بتروح مي بتقطع كتير تركت دراستي … تركت بيتي و غرفتي .. تركت منطقتي يلي ربيت فيه‍ا … لو بتعرفي يا بنت صايرة غريبة عنا ..
كل سوريا … مش سوريا …
طيب و هالمنطقة فيها نزاعات …
لا عادي بس من شي 4 ايام نزلت قذيفة كتير قريبة من البيت كنت عم اجلي بالمطبخ ..كل البلور راح …
طيب و شو عملتي …
خّلصت جلّي”
لم أمتلك من الشجاعة كي ارد على كلامها … تذكرت مرة حوار سأل فيه المذيع طفل سوري لاجئ في لبنان بماذا تحلم
“انا بدي أدرس و كفي دراستي بدي صيّر مهندس … لما حتى أبني سوريا انا بدي ارجع على بلادي و تنتهي هالحرب بدي ارجع العب بشارع مع رفقاتي و اخواتي بدي امي ترجع تدرسني” و قبل ان ينهي الحوار ذكر المذيع ا نام الولد ماتت بتفجير و استشهد اخواته على معبر حدودي ما ..”
سألت نفسي ما هذا البرود و ما هذه القوة … ما هذا الاصرار و الحب و الوفاء لوطن الحرب و ما هذا الدمار و القتل و الموت؟؟؟
لم أملك يوما شجاعة هذا الطفل و لا أمل ياسمينة الشام …
البارح و اليوم و غدا مازالت أوطان العرب تحمل من الموت و الوجع القهر و القتل من الجهل و الخوف من الذّل فمن باع بغداد و القدس لن يشتري دمشق …
نحن تمكلنا البرود القاتل فلم تحركنا صورة رضيع حرق حيًا و لا طفل بريء يرتدي كل ملابسه الجديدة التي كان قد لبسها يوم العيد ملقئ كملاك طاهر على حافة البحر و لن يحركنا شيء فقد قال وان لعرب ضمير …. و قد مات
و انا أقول … ليس لعرب ضمير حتى يعلن وفاته ….
10858624_811816145600199_2486661539080616168_n

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *